مقال رأي - تحليلي - نهاية فيلم Challengers" 2024" : مبارة تنس كالحرب الضَروس بين طياتها الكثير ورقصة غُفران في النهاية ..

 




منذ إنتهيت من مشاهدة الفيلم ولا أعرف كيف سأكتب عنه بالكامل لذلك إخترت أن أكتب فقط عن نهايته لأنها صاحبه النصيب الأكبر من الإثارة. النهاية وحدها فيلم أخر بل قصة أخري أُقحمت داخل السيناريو وكأنها فرضت وجودها لتغطي علي كل ما قبلها وتبقي هذه الدقائق المثيرة هي المُهيمنة. دراما رياضية مثيرة و فيلم رائع من Luca Guadagninio وروعته الأكبر تكمن في ثباته وإثارته علي نفس الخط مع الجمهور ليتركهم مع تلك اللحظات الأخيرة وهم هائمون علي وجوههم. ساعتين كاملتين من أجل البناء لمبارة متفجرة وقصة مليئة بذكريات من الماضي والمشاعر المدفونة الغير مُعلنة بصراحة. يصل فيها كل شئ للذروة لتصبح مبارة عالية المخاطرة بين أصدقاء الطفولة يسعي كل منهما للفوز علي الأخر. لكن هل هذا كل شئ ؟ مجرد مبارة تنس بطعم كلاسيكي وعداوة مُبتذلة !


الحقيقة هي ليست مجرد قصة حب فحسب بل العلاقة نفسها تفتح أبواب أخري عن علاقة متشابكة ومعقدة بشكل صارخ وعن تاريخ صداقة مليئ بالتشابكات الرومانسية والخيانات. وكأن هذه العلاقة تشير إلي هشاشة وضعف العلاقة بين الذكور حين يشتركان بالحب لنفس المرأة. هذه وحدها كافية لتدمير كل شئ. ذكريات الماضي نفسها تكشف عن تضحيات "تاشي" عندما توقفت عن اللعب بسبب إصابتها وكيف أن مسيرتها كانت واعدة للغاية. وكيف أن "آرت" إعتني بها وتزوجها. لكنها لازلت تمتلك الشعف المُشتعل بالحب نحو "باتريك" ! ليتكون ثالوث حب مُعقد أكثر مما ينبغي.


الذروة هنا هي مبارة الإثنين بين "باتريك" و "آرت" ؛ هذه ليست مبارة عادية ، ليست مبارة مناخية يلعبان فيها التنس كما نشاهد في التلفاز. الأمر أكبر من كل هذا. هذه معركة تتجاوز كل مفاهيم الرياضة. يختار المخرج أن يجعلها نهاية غامضة ويترك تلك النقطة الأخيرة من المبارة غير مرئية البتة. "باتريك" يسعي فيها للإنتقام والخلاص بمعني الخلاص ويقاوم لتصل حالة التوتر لدرجة لا تحتمل ويطلق "آرت" تسديدة أخيرة يحاول بها تفجير كل شئ ومن ثم يصطدم "باتريك" بمجموعة متشابكة من الذكريات وهو يقفز من فوق الشبكة. هذا واحد من أجمل التعبيرات في الفيلم عن مدي تعقيد العلاقات هنا. هذه ليست لقطة جسدية علي الإطلاق بالطبع لها دلالة ما. إحتضانهم لبعضهما يفتح باب التأويل علي مصراعيه. لكن من وجهة نظري فهذا هو باب المغفرة بينهما.


وكأنها رقصة من الغفران طال إنتظارها بين الإثنين. ربما هي فرصة ليكتشفا كيف هي علاقتهما وما هو التنس بالنسبة لهما؟ ربما الأمر أكثر تعقيداً من كل هذا. بالنسبة ل"تاشي" فأنا لا أفهم بوضوح الصورة الكاملة ، هل هي مع "باتريك" لأنها نامت معه ؟ لكن كيف أفسر هتافها الحماسي ؟ أما أن مشاعرها تجاه التنس إختلطت بمشاعرها الخام عندما كانت تلعب التنس؟ كل القطع والمعطيات تقول بأن النتيجة هي إنهيار منزل "تاشي" الورقي والهش لكن النهاية أعمق من كل هذا. لا إجابات واضحة. لا فائز معلن بالمبارة. يمكن القول - وهذا مضحك بالفعل - أن مثلث الحب هذا هو الذي حصل علي نقاط المبارة في النهاية. الشئ المميز حول هذا الفيلم أن يسمح للجميع أن يمتلك رأي حول هذه العلاقة المحتدمة.


المشهد الأخيرة يُسطر بلغة التنس فقط وليس بالكلمات. وسواء كان الفن هو الخلاص بالنسبة لهم جميعاً أو بالنسبة ل "تاشي" أو عودة "باتريك" للعب هي الخلاص له. لا يهمني كل هذا .. هذه النهاية هي بمثابة رقصة من الغفران لتشفي الجروح القديمة. وربما هذا هو النصر الفعلي والحقيقي. طريقة عرض النهاية بصرياً له الفاعلية الأكبر في أن تكون مثالية لهذه الدرجة الحقيقة. وربما هذا ساهم في أن يفهم الجمهور كيف أن الأمر محتدم بشدة فعلاً. سواء إنتصر "باتريك" أو "آرت" في الملعب ، في نهاية المطاف هذا كله أقل أهمية من الرحلة نفسها. هذه الرحلة غيرت كل شئ في هذه العلاقة المتشابكة. تغيير جذري لا نعرف حقيقته الكاملة.


وهذا يعني أن كل التأويلات صحيحة وخاطئة في نفس الوقت. الجميع له رأي عميق هنا ومن الممكن أن يكون هو الأقرب لأن النهاية غير واضحة وغير مرئية كذلك. الجمهور لديه ما يقوله عن هذا الملحمة الأخيرة. ينتهي الفيلم والمبارة لا تزال في منتصف الشوط الأول منها. لا نعرف من سيفوز. لكن ليس هذا الهدف في النهاية. وكأن التنس كان هو المخرج الوحيد وطريقة الشبع لهم بعد هذا الجوع الطويل. لا يهم فعلاً من فاز بالمبارة. لا تهم السبع أشواط كلها. الفيلم يترك الجميع مع الكثير من الأسئلة. لكن عن نفسي لا أريد أن أعرف إجابة أي منها. وهذه هي حلاوة النهايات من هذا النوع.

تعليقات