رحلة البحث عن "رقصة التنانين" : مسلسل House Of The Dragon الموسم الثاني الحلقة الثالثة مراجعة : لقاء بين صديقتين قديمتين (ملكة مسلوبة العرش - أُم إغتصبت العرش لإبنها) !

 





الطاحونة المُحترقة لم تحترق فعلاً !



تبدأ الحلقة الثالثة بقصة عن عداوة قديمة جداً في عصر "التارغاريان". بين عائلتين لديهم من الكره لبعضهما ما لا يسع كل "ويستروس". مجموعة من عائلة "البراكينز" ومجموعة من عائلة "بلاكوودز" حول حدود أراضيهم. مُتعارضين حتي في الجوانب التي يقفون عليها فأحدهم يقف علي جانب "إيغون" والأخر علي جانب "راينيرا". هذه المعركة بين الفريقين الأخضر والأسود لا ناقة لهم فيها ولا جمل لكن أصبحوا جزءًا منها فقط لأنهم يكرهون بعضهم. وهذا هو المتعارف عليه في الحروب والصراعات. هناك أطراف تشتعل عندما تكون كل المملكة علي شفا حرب نارية ودموية. هذا هو المستوي الأخير.


لكن ما حدث وما أغضبني الحقيقة كقارئ نهم وعاشق لرواية "النار والدم" أن المعركة لم تُعرض من الأساس. بل تم تخطيها تماما وعرض لما هو أقرب لمقتطفات منها ومشادات كلامية فحسب. تراشق بالألفاظ وتدافع ومن ثم يسحب أحد الأطراف سيفه ومن ثم ينتهي كل شئ. يقفز المشهد لما بعد المعركة علي صورة الجثث وهي ملقاه غارقه في دمائها علي الأرض. القتلي كُثر من الجانبين. الريف كله أصبح مختلفا ملطخ بالدماء والحطام والنيران. وكأن مقدمة الحلقة كانت تافهه لهذة الدرجة لأن لا تُعرض هذه المعركة التي تُعتبر بمثابة الباب للدخول إلي "رقصة التنانين" حرفيا. لكن الصناع رفضوا ذلك لأجل الميزانية !



شموع وسجال أخير بين الملكة المكلومة والملكة الأرملة !


نذهب إلي مشهد بين "راينيرا" وبين خالتها "راينيس" وهنا تقرر أنها يجيب عليها أن تذهب إلي "كينجز لاندينج" للقاء "أليسنت" وجهًا لوجه وهنا تطلب مساعدة ذات الخبرة في هذه الأمور "ميساريا". سوف تزور الملكة الأرملة دون أن يشاهدها وهي مُتنكره وتلتقي بها حيث الشموع الكثيرة والإضاءة الخافتة لتلاوة صلواتها. تتنكر "راينيرا" في لباس راهبة ومن ثم تتجهة إلي الكهف حيث تذهب "أليسنت" وتجدها هناك كما توقعت "ميساريا".


لنتخطي كل هذا ونتعمق في الحوار الذي الدار بين الصديقتين السابقتين والأم الملكومة والملكة الأرملة. ينتقل الحديث بينهما إلي اللحظات الأخيرة من حياة الملك "فيسيريس" ويتناقشان علي الأحقية للعرش. وكيف أن "الأمير الموعود" وأغنية الجليد والنار لا تتعلق بإبنه "إيغون" لكن "أليسنت" تهدم كل شئ بواقعية وتخبرها أنه قد فات الأوان علي أن يذكر أحد الطرفين السلام. السلام أصبح بمثابة كلمة سخرية الأن. أو ربما تعبر عن حالة ضعف ووهن كما فعلت "راينيرا". الحقيقة وما فهمت حتي الأن بعد عرض ثلاث حلقات. أن المعركة الحقيقة من رقصة التنانين ستبدأ أخيراً. جزء كبير من الموسم الثاني أو علي الأقل النصف الأول منه سيكون عبارة عن المقدمات التس ستسبق الرقصة. الهمهمات المُبكرة ما قبل المعركة. لكن ليس الحرب نفسها ولا المعارك علي الإطلاق. هذا كله سنراه في النصف الثاني من الموسم الثاني. لذلك أنا هادئ بالنسبة لكل هذا. لا أحد يريد هذا الحرب أكثر من الأمير المارق "ديمون" والأعور "إيموند". هذان الإثنان لن يختلف أحدهم علي رغبتهما في إشتعال كل شئ. لكن هل "راينيرا" علي نفس الخط مع "ديمون" فهي مترددة أكثر من كونها ترد الحرب. هل "أليسنت" تشتاق لبدء الحرب لا أظن ذلك أيضاً. هي تريد فقط أن ينتهي كل شئ بسرعة. هي تعلم معني الرقصة وكأنها رأتها في عقلها من قبل. هي متأكدة أن هذه الرقصة هي الجحيم بعينه.


على أية حال ، محاولة "راينيرا" لتجنب الحرب محاولة غير مدروسة على أفضل تقدير. هي في الأساس لم تعرض على "أليسنت" أي شيء كأداة للمساومة. السلام ؟ هذه هي النكتة التي أضحكتني في كل هذا الحوار. كل ما فعلته "راينيرا" هو أنها إستمرت في الإصرار على أنها الوريثة الشرعية، وأن والدها أحبها جداً وأن "أليسنت" كانت مخطئة.


لا أعلم ما أهمية هذا المشهد الحقيقة ؟ ما الفائدة منه ؟ هل كانت تأمل أن مجرد ذكر اعتقادها بشأن العرش مرة أخرى سيقنع الملكة الأرملة بطريقة ما، وأنها ستتمكن بعد ذلك - فارغة اليدين - من تجنب الحرب؟ إقناع إيجون بماذا - التنازل عن العرش؟ كيف ستقنع هذا الفتي المجنون من الأساس؟ كان هناك وقت لذلك، عندما لم يكن "إيغون" يريد ذلك بوضوح وكان يماطل في هذا، لكن هذه السفينة أبحرت الأن ومضت. أما الان ف "إيغون" يريد أن يبدأ الحرب قبل أن يقوم فريق الكتابة والقائمين علي المسلسل بتدمير كل شئ. وتخطي الحرب كلها بحجه قلة الميزانية وصعوبة الإنتاج.


ام تنجح خطة "راينيرا" ؛ فقد أريقت لكثير من الدماء بالفعل. قالت المخرجة "جيتا باتيل" في مقابلة مع موقع ماشابل : "عندما أتت رينيرا [إلى كينجز لاندينج]، أرادت أن تعقد أليسنت صفقة معها. والمشكلة هي أنها لم تعرض على أليسنت أي شيء. لم يكن هناك أي تعاون، ولم يفعلا أي شيء للعمل معًا. لذا، بعد الخروج من هذا المشهد، تفكر رينيرا، "ليس لدي خيار. يجب أن أخوض الحرب معك".


نفهم من ذلك أن محاولة الانفراج أو السلام الزائف لم تنجح. كما أن اللقاء يعتبر لم شمل بين صديقتين قديمتين؛ ومن ناحية أخري فإن العلاقة المتدهورة بين "راينيرا" و "أليسنت" هي جوهر المسلسل بالنسبة لي. لقد كانا لا ينفصلان في الطفولة كما رأينا في الموسم الأوى، ثم كبرتا منفصلتين، وبدا أن علاقتهما قد تحسنت أخيرًا بحلول نهاية الموسم الأول. ولكن بعد وفاة والد "راينيرا" الملك "فيسيريس" أساءت أليسنت - زوجة الملك - تفسير كلماته المحتضرة ثم استخدمتها كذريعة لتنصيب ابنها الملك "إيغون" على العرش بدلاً من تكريم رغبة "فيسيريس" وتتويج إبنته "راينيرا". في هذا المشهد الذي يجمعهما تُدرك "أليسنت" أنها كانت مخطئة، لكنها مع ذلك لن تتراجع.


تقول المخرجة كذلك "إن حصول أليسنت على هذه المعلومات الجديدة هو لحظة مهمة للغاية ستتعامل معها في الحلقات القادمة" وتقول أيضاً "في تلك اللحظة، تتمسك بحجتها وتتمسك بها. أعتقد أن هذا أمر إنساني للغاية. في بعض الأحيان، يخبرنا شخص ما أننا مخطئون، وفي تلك اللحظة، تفكر، "لا، أنا لست مخطئًا". ثم بعد يوم أو يومين ، تدرك "كنت مخطئًا". 


بالنسبة لي هذه واحدة من تلك اللحظات الإنسانية حيث قام الكُتاب بعمل رائع حقًا للسماح لها بامتلاك هذه الفروق الدقيقة في الشخصية التي نفهمها جميعًا ونتعامل معها في حياتنا كلنا.


لطالما تساءلت عما إذا كانت "أليسنت" تعتقد حقًا أن الملك "فيسيريس" غير رأيه في اللحظة الأخيرة وقرر تعيين "إيغون" وريثًا له، أم أن الأمر كان مجرد شيء قالته لنفسها حتى تتمكن من المضي قدمًا والقيام بما تريده على أي حال. الآن بعد أن عرفنا الحقيقة، فلن يكون لديها مكان للاختباء. سيتعين عليها المضي قدمًا حتي ولو لم ترد ذلك في قرارة نفسها. لقد تأخر قرار التراجع، تأخر كثيراً ، وهو ما سيكون مثيرًا للإهتمام أن نري ما سيحدث في الحلقة الرابعة.

تعليقات