فيلم Problemista ليس بمثابة قصة خيالية في رداء سريالي فحسب بل هو أقرب لتفكيك وتشريح لفكرة الهجرة للولايات المتحدة الأمريكية والحلم الأمريكي. ويقوم المخرج والكاتب "خوليو توريس" بإستخدام قوته الإبداعية لرسم صورة يتجذر جمالها في شعورها الصادق العاطفي الجميل في عرض القصة بشكل مختلف وغريب. كذلك قدرته علي سرد القصص التي شكّلها خياله المميز وفهمه العميق.
يطرح فيها "خوليو توريس" الكثير من الأسئلة التي لا تشوبها شائبة. فالفيلم مختلف وأصيل في فكرته الحقيقة. بحس فريد في الفكاهه وصياغة فريدة من نوعها في تقديم الكوميديا. وأسلوب بصري مُبتكر للغاية. ليقدم لنا فيلم ذو منظور غريب ومؤثر حول مشاكل العيش في المجتمع الأمريكي. وهجاء صريح للنظام الذي لا يمكن فك الشيفرة الخاصة به. وأن الناس يندثرون بمجرد إنتهاء صلاحية تأشيرتهم.
القصة في الأصل مستوحاه من تجربة "توريس" وهجرته إلي الولايات المتحدة الأمريكية، الفيلم يحكي قصة الشاب "أليخاندرو". صانع ألعاب طموح من السلفادور سافر إلي أمريكا علي أمل تحقيق أحلامه. يصل "أليخاندرو" إلي مدينة نيويورك في محاولة لإيجاد مكان للإقامة في طريقه للعمل لدي "هاسبرو" وتصحيح التصاميم النمطية لصنع الألعاب. لكن كل تلك الأمال لن تدفع الفواتير بالطبع. ولأنه مهاجر فالأمر متوقف علي إيجاد عمل يدعم بقائه في الولايات المتحدة. لذلك يُضطر للعمل في شركة تبريد متخصصة في حفظ الفنانين المُجمدبن مثل "بوبي" الذي يرغب في أن يستقيظ بعد قرون من الزمن ويجد التقدير الكافي لأعماله الفنية. لكن يطرد من هذه الوظيفة بسبب خطأ قاتل ، ثم يقابل زوجة "بوبي" الناقدة الفنية "إليزابيث" والتي تقوم بدورها الممثلة الرائعة "تيلدا سوينتون". والتي تظهر وكأنها غودزيلا النقد الفني بسبب صراخها وعصبيتها المستمرة. وهي تحاول البحث عن معرض يقوم بعرض لوحات "البيض" التي رسمها زوجها. الأجواء غريبة فعلاً ويمكن القول أنها مليئة بالمرح أكثر من كونها غريبة. لكن الأمر يختلف مع دخول "إليزابيث" الصورة.
السيناريو مليئ بالتفاصيل الغريبة فعلا ؛ مثل تصوير نظام الهجرة علي أنه عبارة عن سلسلة من الغرف اللامتناهية والمترابطة. وتلك الساعة الرملية التي تمثل الوقت المُتبقي له والتي أعتبرها بمثابة إشارة بصرية ساخرة وإستثنائية. كذلك السرد والتعليق الصوتي من الرائعة "إيزابيلا روسيليني" هو من أكثر التصميمات الذكية في الفيلم. الفيلم بمثابة عملية إرشادية عن رحلة "أليخاندرو" في أمريكا. يعرضها لا علي أنها مجرد وقائع حدثت بل وكأنها نوع من القصص الخيالية.
كأنها مجموعة من القصص التكميلية وليس ما يسمي بالسرد المنفرد أو الفردي. بسبب دخول الشخصيات الجانبية كثيراً في الصورة. الفيلم يؤكد علي فكرة مواجهة المشكلات والحقائق المرعبة التي نصطدم بها في حياتنا من خلال الفن ومحاولة بناء إتصالات ذات مغزي مع الأخرين حتي لا تتحول المهمة إلي مستحيل. فيلم مصنوع من منظور فريد للغاية ليس مجرد طريق سهل للتعرف علي أجواء الفيلم ، هو لا يعطيك الإجابات بسهولة. يجب عليك أن تدخل إحدي غرف الهروب تلك للبحث عن الإجابة.
الفيلم يرسم شخصيتين تحاولان فك شيفرة عالم لا يهتم في الأساس بالناس. مع خلق هالة من التعاطف بين أليخاندرو وإليزابيث وكأنهم يرون بعضهم كأرواح ضائعة تترابط مع بعضها. ويحاولون معرفة قيمة ومعني الحب قبل أن يفقدوا كل شئ. وتقدم القصة من خلالها لمحات مؤثرة عن صعوبة نظام الهجرة. الفيلم فيه الكثير ليقوله عن تجربة المهاجرين في أمريكا بطريقة كوميدية ومرحة والأهم أنها سريالية في نفس الوقت والتي كانت أساس تستند عليه القصة نفسها.
Twitter: @abdulkarim200k
IG: @imjustcarti
تعليقات
إرسال تعليق