مراجعة الحلقة الأولي "Death Wish" من مسلسل “The Sympathizer” : الجاسوسية بعيون المخرج "Park-chan Wook"..
يعود مخرج فيلم OldBoy في مسلسل جديد ومختلف بدور كاتب ومخرج ومنتج منفذ للمسلسل من إنتاج مشترك بين منصة HBO وشركة A24 عن قصة مُتشابكة وتاريخية مع الكثير من القفزات الزمنية. هذا النوع بالتحديد من الأعمال هو ما أحب أن أراه. أنت لا تمتلك الدقائق الأولي علي الإطلاق ، أنت لا تملك تلك الرفاهية بأن تتسائل ، فقط ستنهال عليك المعلومات والعديد من الشخصيات التاريخية المؤثرة في أحداث القصة مع ذكريات مدفونة من الماضي وطريقة سرد تبدو وكأنها غير ثابتة أو غير موثوقة بالأحري يتخللها الكثير من الأكاذيب بأجواء مثيرة للقلق. القصة لا يقع تأثيرها فقط علي فيتنام بل علي كل شخص من أصل فيتنامي حتي المشاركين في المسلسل من طاقم التمثيل. كل من يرتبط بالتراث الفيتنامي يعرف أهمية هذا الحدث وكيف هو تأثيره علي وجدانه. لكن الأهم أن نشعر نحن الجمهور بذلك. وأن نتعاطف مع هذه الأحداث التي سبقت سقوط "سايغون" في نهاية حرب فيتنام. المشلسل مكون من ٧ حلقات وهو Mini-series أي أنه لا يوجد موسم أخر. كذلك وجب الإشارة إلي أن المسلسل يستند في الأصل علي رواية "Viet Thanh Nguyen" الحاصلة علي جائزة "بوليتزر" الأدبية. (لم أقرأ الرواية).
الحلقة الأولي تُقدمنا مباشرة وبدون أي إنتظار للشخصية الرئيسية الأولي ، الكابتن جاسوس نصف فيتنامي ونصف أمريكي (Death Wish) - (Hoa Xaunde) مُناصر القوات الشيوعية المقاتلة والمناهضة للسياسات الأمريكية في فيتنام لكنه في الأصل من فيتنام الشمالية. والذي يقوم الممثل كذلك فيه بتعليق صوتي متكرر علي الأحداث. شخصية مُتجذرة في الحرب بمعني الكلمة. لكن الأمور لا تبدأ هكذا. فالقفزات في الجدول الزمني للأحداث من أكبر العوامل هنا وترتكز بتأثير واضح وطاغي علي شكل وطريقة إخراج الحلقات. تبدأ الحلقة ونتعرف علي (المتعاطف-الكابتن) من خلال مشهد داخل مركز إعادة تعليم في فيتنام الشمالية ما يثير الفضول حوله وحول كل شئ سبق هذه اللحظة. يجلس في زنزانة يحاول أن يسرد كل شئ قبل هذه اللحظة التي نراها. بإعادة كتابة كل شئ.علي الرغم من كونه مُناصر لقضية فيتنام الشمالية. لكنه مُجبر علي الكتابة. وهنا تبدأ القصة ، قبل سقوط "سايغون". الحلقة عن تسلسل الهروب للفيتناميين الجنوبيين من "سايغون" قبل أن يبدأ هجوم الشيوعيين الشماليين عليها لكن التأهب للهروب كان متأخر للغاية..
يظهر Robert Downey Jr في عباءة جديدة تماماً كمدير للمخابرات المركزية "كلود" وهذا واحد من الشخصيات الأربعة التي سيلعبها في المسلسل. ويلتقي "المتعاطف" معه ومع الجنرال الفيتنامي الجنوبي (توان لو) المناهض لشيوعية الشماليين. ليحضرا مشهد لإستجواب إمراءة فيتنامية - شمالية تمتلك قائمة بأسماء كل عضو في وكالة المخابرات المركزية وكذلك الشرطة السرية الجنوبية. من خلال ذكريات من الماضي مُتداخلة مع بعضها وقفزات كثيرة في الجدول الزمني للأحداث نعرف أكثر فأكثر عن القصة. ونعرف أكثر عن مدي قرب "الكابتن" من عائلة الجنرال وعن رحلة الهروب من قيتنام إلي الولايات المتحدة الأمريكية قبل ساعة الصفر.
من الناحية الفنية فالحلقة تنتهي بسؤال لا إجابة واضحة له ، فلا نعرف إذا ما كان الكابتن سيترك صديقه "بون" المرعوب خلفه وزوجته التي قتلت بسبب قصف المطار مع طفل صغير لكننا لا نراه يصعد إلي الطائرة ليهرب مع الجنرال لأمريكا كذلك. أحد الأكثر الأشياء التي تجعلني مُتشوق لإكمال المسلسل وإنتظار باقي الحلقات أن Robert Downey Jr سيلعب أربع شخصيات أي ٣ شخصيات أخري غير مدير المخابرات المبهرج والفظ "كلود". ويظل المشهد الأفضل في الحلقة هو مشهد إجتماع "كلود" بالجنرال "توان" لتقرير مصير الهاربين إلي أمريكا. هذا المشهد مُضحك للغاية. يلعب فيه RDJ دورا رائعا في شخصية غريبة للغاية.
ملاحظتي الوحيدة هي عن إستخدام الكوميديا هنا والوضع المشحون. لحظات عديدة كوميدية أشبه بالصامتة لكنها لا تبرز للسطح ولا أري داعي حقيقي لوجودها. مثل تهديد الظابط بالإنتحار في مكتب "المتعاطف" إذا لم يحصل علي كرسي إضافي في الطائرة التي ستهرب بالجنرال الجنوبي إلي أمريكا. الحالة ليست كوميدية علي الإطلاق هنا. فهذا ظابط يطلب مقاعد إضافية لزوجته وإبنته ووالدته في الطائرة ويهدد بالإنتحار إذا لم يحصل عليهم. الوضع بائس ولا يدعوا للضحك إطلاقاً. يضع الكابتن المسدس أمامه علي الطاولة ويقول له أنه سيخرج ليحصل الظابط علي بعض الخصوصية في الإنتحار لكنه لا يفعل ويسرق بعض الحلوي ويخرج !
ساعة مليئة بالكثير والكثير من الأكاذيب المُتشابكة مع مونتاج أكثر من رائع ، قدرة المخرج Park-chan Wook لا يمكن إنكارها وتأثيرها البارز علي العمل هنا. ويمكن القول بأنه يسير في توازن سردي دقيق بدون أي كوارث في عرض هذه الفترة المشحونة من التاريخ الفيتنامي. والأهم هو أن كيف أن أسلوبه المتميز يسير بشكل رائع في حقبة السبعينات في سرد قصة متشابكة وليست سهلة كهذه. في المجمل الحلقة الأولي كانت كافية بأن تجذبني لهذا المسلسل وأن أنتظر باقي الحلقات. الواضح أن القصة مليئة بالكثير والكثير.
Twitter: @abdulkarim200k
IG: @imjustcarti
تعليقات
إرسال تعليق